Friday, June 14, 2013

[Deaf Arab] العدل يحقق المساواة لا العكس


العدل يحقق المساواة لا العكس

عندما يذكر العدل ترتبط به كلمة المساواة و العكس وربما يظن الكثيرأن العدل هو المساواة بين الناس ، إن العدل يشمل التسوية والتفريق وكلاهما موجود في الشريعة. أما المساواة فهي تشمل التسوية فقط، فالإسلام دين العدل وليس دين المساواة المطلقة، وقد تأثر الأشخاص ذوي الإعاقة بجهل الكثير من أفراد المجتمع بمعرفة الفرق بين معنى كل من العدل والمساواة  مما أدى إلى تجاهل بعض مطالبهم وأمالهم في تخفيف بعض اعباء الحياة عنهم وتسهيل نمط عيشهم بل ان البعض اعتبر مطالبهم  تمييزاً و تعارض مع الانظمة و القوانين الدولية  وأظنهم قد نسو أن هناك المباليات للسليمين و المباليات للأشخاص ذوي الإعاقة  لوجود الفوارق في القدرات الجسدية و العقلية ، فالبعض صورهم كأنهم أشخاص خارقون يقومون بالأعمال الصعبة و قدراتهم الخارقة في إنجاز الأعمال و الإنتاج المرتفع في العمل و اطلق عليهم اسم ذوي القدرات الخاصة بينما البعض الاخر صورهم عكس ذلك تماما واطلق عليهم اسم ذوي الاحتياجات الخاصة تلطفا بهم .

بالرغم من أنه لا يمكن إنكار أهمية المساواة و ضرورتها للمجتمع و الأفراد إلا أنه لا يمكن من مستوى الحقوق و الواجبات المساواة بين  الناس على حسب إمكانياتهم فلكل واحد إمكانياته الخاصة به في جميع المستويات العقلية و الجسدية و العلمية .

عندما نعلم حقيقة العدل و المساواة و الفرق بينهما سوف ندرك أن ما يطلبه الأشخاص ذوي الإعاقة هو جزء من العدل الذي يحقق المساواة بين جميع أفراد المجتمع.

لقد وضح الإسلام العدل و المساواة وبين لنا متى يكون العدل و متى تكون المساواة ،إن الله فرق بين الذكر والأنثى في الخلقة  قال  تعالى {ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى } [آل عمران : 36] ، فمن العدل أن يكون لكل شخص من ذوي الإعاقة خصائصه التي تليق به ويكلف بما يناسبه في العمل ومن الظلم أن يحمل فوق ما تحتمله خلقته التي خلق عليها { لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} البقرة :286] ،

فعندما أعطى الرجل ضعف نصيب المرأة في الميراث فقد حقق العدل مع انه لا يوجد مساواة في النصيب و عندما أمر الرجل و المرأة بالصلاة خمس مرات في اليوم فقد حقق المساواة التي اساسها العدل، وعندما سمح الإسلام للمسافر بالجمع في الصلاة و اباح للمصلي ان يصلي جالساً او على جنبه بينما الأجر من الله على أداء الصلاة لا يختلف مهما اختلف الوضع الذي تؤدى به لا يعني وجود خلل في العدل والمساواة بين المصلين بل كان هناك مراعاة للقدرات الجسدية و الحسية والظروف الزمانية و المكانية وهذا هو العدل الذي يحقق المساواة ، وعندما يعطي الأب أبنه في المرحلة الإبتدائية خمسة ريالات مصروف يومي و ابنة في الجامعة عشرون ريال مصروف يومي فإننا هنا لا نجد أن الأب قد حقق المساواة و لكنة  قد حقق العدل  لان متطلبات أبنه في الجامعة أكثر من متطلبات أبنه الذي يدرس في المرحلة الإبتدائية ، وكذلك فان الأب يكلف أبنه الذي في الجامعة بمهام أكبر بكثير من المهام التي يكلف بها ابنه الذي يدرس في المرحلة الإبتدائية وذلك طبعاً لاختلاف القدرات بينهما .

وقد جاءت القرارات الحكيمة سيراً على المنهج الإسلامي متمثلتا في الموافقة السامية الكريمة رقم 3158/7 /ر و تاريخ 30 / 3 / 1416 هـ. على إقتراح مجلس الخدمة المدنية بمنح الموظف المصاب بالفشل الكلوي إجازة براتب كامل عن الأيام التي يتم إجراء الغسيل فيها ،  و قرار مجلس الوزراء رقم 107 وتاريخ 8/4/1429هـ, بمنح مريض الفشل الكلوي الذي يعمل في القطاع الخاص إجازة مدفوعة الأجر في اليوم الذي يجري فيه الغسيل الكلوي ويتحمل صندوق تنمية الموارد البشرية أجر هذا اليوم .

 وهذه القرارات التي تخفف ساعات العمل لمرضى الفشل الكلوي حيث يأخذ مريض الفشل الكلوي يومين اجازة غسيل في الاسبوع على الاقل أي ما يعادل 16 ساعة عمل  في الاسبوع على الاقل بالنسبة للقطاع الخاص و (12) ساعة عمل  في الأسبوع على الأقل  بالنسبة للقطاع العام  .

وهذه القرارات تؤكد حرص الدولة على الإلتزام بمنهج الشريعة الإسلامية وتطبيقها في العدل والمساواة بين أفراد المجتمع وتكليف كل فرد من أفراده بالعمل حسب قدراته الجسدية لتضمن له بعد الله الحياة الكريمة المستقرة .

أنني قد طرحت تلك المقدمة تمهيداً لموضوع يهم الأشخاص ذوي الإعاقة وتحدثوا عنه كثيرا في وسائل الاعلام وهو موضوع العمل وما يتعلق به  من  ساعات العمل و نظام التقاعد  والتامين الطبي وغيرها من امور تسهل على الأشخاص ذوي الإعاقة العمل والإنتاج حسب قدراتهم الجسدية و الحسية دون تأثير على صحتهم وحياتهم الاجتماعية ، لأن هناك أفراد في المجتمع تحولوا إلى طبقة عازلة بين صوت الأشخاص ذوي الإعاقة و أصحاب القرار لأسباب أجهلها.

بعض الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية  قادرون على العمل و الإنتاج  ولكن بعضهم غير قادر على الجلوس لمدة طويلة على الكرسي المتحرك  . لان الجلوس على الكرسي مدة طويلة يسبب له التقرحات الجلدية في المعدة  و كذلك التقوس في العمود الفقري  وتورم في الأرجل و الإقدام  و جميعها  تأثر على الصحة العامة للأشخاص ذوي الإعاقة  و تسبب له مشاكل في العمل من حيث الإجازات المرضية أو التغيب عن العمل  كما ان تأثير الجلوس على المرأة من ذوات الاعاقة هو اكثر شدة من الرجل ، فتقليل ساعات العمل لمن يستخدمون الكراسي المتحركة  يُحافظ على صحتهم و بالتالي التزام أكثر بالعمل و أنتاج أكثر .

الم يحن الوقت بعد لوزارة العمل و وزارة الخدمة المدنية للنظر بشكل جدي في موضوع عمل الأشخاص ذوي الإعاقة وأخذ أقتراحاتهم التي تقدموا بها بعين الأعتبار ؟! .

أن توفير وظائف للأشخاص ذوي الإعاقة تتناسب مع إعاقاتهم و قريبة لمحل سكنهم وتخفيض الحد الأدنى لسنوات التقاعد للأشخاص ذوي الإعاقة على أن يكون التقاعد بكامل الراتب  وكذلك تقليل ساعات العمل حسب شدة الإعاقة و تهيئة  بيئة العمل وفق (الوصول الشامل) ومعايير كود البناء السعودي لتسهيل تنقل الشخص ذو الاعاقة داخل عملة بكل يسر وسهولة ، وكذلك النظر في بدل المواصلات حيث لأبد من زيادة بدل المواصلات الخاص بالأشخاص ذوي الإعاقة كون وسيلة المواصلات تكون بالعادة أعلى تكلفة من العادية وتحسين التامين الطبي وجعلة يشمل متطلبات إعاقتهم وسن أنظمة وقوانين تحميهم في العمل وتحفظ لهم حقوقهم سوف يؤدي كل هذا الى القضاء على التوظيف الوهمي للأشخاص ذوي الاعاقة و دمجهم في المجتمع وتحسين أوضاعهم النفسية و الاجتماعية .

الا يحق للأشخاص ذوي الإعاقة الشديدة أو المتوسطة أن يحصلوا على تخفيف لساعات عملهم مساواة بإخوانهم مرضى الفشل الكلوي الذين يحصلون على إجازة يومين على الأقل في الأسبوع أي 16 ساعة عمل في القطاع الخاص  وإجازة يومين في القطاع العام على الأقل أي 12  ساعة عمل . وبحسبة بسيطة لو قسمنا 16 ساعة عمل على خمسة ايام عمل في القطاع الخاص لوجدناها تعادل ثلاث ساعات يومياً تقريباً و بالنسبة للقطاع العام لو قسمنا 12 ساعة عمل على خمسة ايام لوجدناها تعادل ساعتين يوميا تقريبا ، أي يصبح الأشخاص ذوي الإعاقة الشديدة و الاعاقة المتوسطة يعملون خمس ساعات يوميا في القطاع الخاص و 4 ساعات يوميا في القطاع العام ، وهذا ما يطلبه الاشخاص ذوي الاعاقة عبر وسائل الاعلام و عبر الوسائل الرسمية ، ويتمنون  الأهتمام بمطلبهم هذا وهو مساواتهم بإخوانهم مرضى الفشل الكلوي في ساعات العمل ، بعد كل ما ذكرت يتبادر في ذهني سؤال هو هل مساواة الأشخاص ذوي الإعاقة الشديدة و المتوسطة بمرضى الفشل الكلوي من العدل ؟ .

جريدة الرياض رابط الخبر  http://www.alriyadh.com/2013/06/15/article843890.html 

 

الكاتب / من الاشخاص ذوي الاعاقة

مبارك فهد ال مهنا الدوسري

عضو مجلس ادارة جمعية حركية

malmohanna@hotmail.com

 

 

 

No comments:

Post a Comment