Monday, July 13, 2009

[Deaf Arab] Re: قصة تامر أنيس


 
الخمسة والأربعين ربيعا، مكانة بارزة، فرغم فقده حاسة السمع استطاع أن يقهر إعاقته وأن يحقق طموحاته العلمية ليصبح الأصم العربي الأول (صمم تام) الحاصل على بكالوريوس الفنون التطبيقية، جامعة حلوان بتقدير عام جيد جدا وترتيب الثاني على أقرانه، ليعمل بعد تخرجه مهندسا للديكور بإحدى الشركات الكبرى ويصبح الآن رئيسا لقسم الديكور والتصميم الداخلي بهذه الشركة.

مجالات نجاح تامر أنيس لم تقتصر فقط على تفوقه العلمي وبراعته المهنية، ولكنه أيضا نجح في تأسيس أول جمعية لخدمة الصم في مصر، فبعد انخراطه في أوساط الصم  لمس معاناتهم وراح يساعدهم على تحويل المعاناة إلى أمل فأنشأ مع مجموعة من رفاقه أول الجمعية الاهلية للص بالقاهرة وراح ورفاقه من خلال الجمعية يتحدون مشكلة الصم الأولى في مصر 2.5مليون نسمة وهي انتشار الأمية، فقاموا بتعليم أعداد ضخمة منهم القراءة والكتابة وتحسين مستوى المتعلمين منهم فضلا عن عقد دورات بشكل منتظم لتعليم لغة الإشارة ليس فقط للصم ولكن لأسرهم والمتعاملين معهم، وتوج تامر إنجازات جمعيته بإصدار أول قاموس بلغة الإشارة في مصر.


 

قصة المهندس تامر مع النجاح وقهر الإعاقة بدأت أول فصولها قبل 43 عاما تقريبا وبالتحديد عندما كان عمره عاما ونصف العام، حينها وإثر تناوله لدواء خاطئ فقد حاسة السمع، وما كان من أبويه إلا أن راحا يتنقلان به بين الأطباء في محاولة للبحث له عن علاج, وعندما باءت محولاتهم وأجمع كل الأطباء الذين شخصوا حالة تامر على أنه سوف يعيش حياته كاملة فاقدا لحاسة السمع، راح الأبوان يلملمان أحزانهما ويحيطان صغيرهما بالرعاية والحب ويقدمان له كل ما يحتاجه من دعم نفسي حتى يتجاوز محنة إحساسه بفقد سمعه.


 

وما إن أصبح تامر في سن الالتحاق بالمدرسة راح الأبوان يبحثان لصغيرهما على مدرسة تناسب إعاقته، وأمام ما شاهدوه من إهمال شديد في مدارس الصم وقسوة في التعامل مع الأطفال الصم رفض الأبوان فكرة أن يلحقا ابنهما بمدرسة للصم وأصرا أن يتعلم تامر القراءة والكتابة مثل بقية أصدقائه من الأسوياء، فكان والده يشتري له المجلات والجرائد ويحاول تعليمه القراءة والكتابة من كتب أخيه الأكبر إلا أنه وجد صعوبة في ذلك ومع الإصرار استطاع تامر أن يتعلم الحساب والرسم وبدأت تظهر عليه بوادر نبوغ في تلك العلوم، لكنه لم يتمكن من تعلم اللغة العربية فهي بالنسبة له كانت مجرد حروف فقط لا يفهم معناها، من هنا لم يكن أمام الأبوين غير إلحاق الصغير بمدرسة للصم كي يكمل تعليمه الذي بدأه بجهود ذاتية، وكان عمره حينها 15عاما، ومن هذه المدرسة حصل على الشهادة الإعدادية المهنية تخصص نجارة، ولأن الصم لم يكن متاحا لهم في ذلك الوقت استكمال تعليمهم في أي مدرسة في مصر بعد الإعدادية راح بالشهادة التي حصل عليها يتقدم للعمل بإحدى شركة المقاولون العرب الكبرى التي قبلته ليعمل بها عاملا يحمل الأخشاب وغيرها.


 

بارقة أمل جديدة في استكمال تعليمه لاحت لتامر عندما ألحقت شركته العمال لديها وهو واحد منهم بمدرسة ثانوية صناعية يتم الدراسة فيها ليلا، وكان دافعه الأكبر لانتهاز هذه الفرصة حبه الشديد وولعه بالهندسة والرسومات.


 

طريق استمرار تامر في التعليم الثانوي لم يكن ممهدا بالورد، فقد رفض مسؤولو المدرسة في البداية قبول أوراقه كونه أصم وأبكم، وأمام إلحاح والدته عليهم قبوله كونه متفوقا جدا في الرياضيات وفي الرسم وبعد اختبارات أجروها له قبلوه في المدرسة على مضض، وداخل المدرسة الثانوية الصناعية راحت مواهب تامر في الرسم تتفتح أكثر وأكثر وراح نهمه لتحصيل العلوم يزداد ما انعكس على نتائجه فأصبح يحصد المراكز الأولى على كل أقرانه الأسوياء حتى حصل على الشهادة الثانوية الصناعية بتفوق مبهر.


 

تفوق تامر في المرحلة الثانوية جعله أكثر تعلقا بأن يكمل تعليمه الجامعي، لكن كونه أصم كان عائقا لتحقيق حلمه من جديد، وكانت بداية العقبات مكتب التنسيق الذي ألحقه بكلية التربية وهي بالطبع لم تكن تناسب إعاقته، إذ من المستحيل أن يصير مدرسا لا يسمع ولا يتكلم، فطلب تحويله إلى كلية الفنون التطبيقية التي تناسب مجموعه، لكن طلبه قوبل بالرفض، لأنه لم يحدث أن قبل طالب أصم بهذه الكلية من قبل فتقدم بشكوى إلى وزير التعليم العالي وأخذت الشكوى مجراها لأكثر من شهرين ونصف الشهر حتى حصل على استثناء من الوزير بدخول الكلية وكانت السابقة الأولى لأصم عربي في الالتحاق بهذه الكلية.


 

سنوات دراسة تامر داخل الجامعة لم تمر عليه هي الأخرى بسهولة، فرغم أنه اختار الالتحاق بقسم التصميم الداخلي والاثاث الذي أحبه فقد كان يبذل مجهودا مضاعفا لفهم المحاضرات واستيعابها، ففي المواد النظرية كانت تنقصه حلقة مفقودة دائما هي لغة التواصل مع أساتذته فكان يجلس في المحاضرات لا يسمع شيئا ويبذل مجهودا كبيرا وتركيزا شديدا في قراءة الشفاه، وعندما ينجح في بعض الأحيان تواجهه مشكلة أخرى هي صعوبة مشاركة المحاضر في الحوار أو الاستفسار منه عن أي شيء لم يستطع استيعابه ولذلك كان يعتمد على نقل المحاضرات من زملائه والتي تعوضه كثيرا عما افتقده ومع ذلك لم يذكر أنه غاب يوما عن أي محاضرة.


 

ورغم كل ما عاناه تامر في فترة دراسته الجامعية إلا أنه تفوق على زملائه حتى تخرج بين صفوف أوائل الدفعة ليحصد المركز الثاني بتقدير جيد جدا ويصبح أول عربي أصم يحصل على بكالوريوس الفنون التطبيقية وبتفوق.


 

ورغم تفوق تامر في كليته وحصوله على تقدير جيد جدا وعلى المركز الثاني على أقرانه غير أنه لم يتمكن من العمل معيدا بالكلية لنفس السبب الذي رفضته من أجله كلية التربية وهو كونه أصم ، وأمام هذه العقبة من جديد راح يتحلى بالصبر واستطاع أن يلتحق بإحدى شركة المشروعات البترولية والاستشارات الفنية (بتروجت) المعروفة ليعمل بها مصمما للديكور وأن يتدرج في المناصب داخلها حتى أصبح الآن رئيسا لقسم الديكور الداخلي فيها. وفي سنوات سعيه واجتهاده نحو تحقيق ذاته علميا ومهنيا لم ينس تامر أن عليه واجبا وضريبة لكل الصم أقرانه لابد أن يدفعها، وهي البحث عن حلول لمشكلاتهم المتفاقمة والمعقدة في كثير من الأحيان والدفاع عن حقوقهم المهضومة في شتى المجالات، فبعد تعايش كامل لوسط الصم اكتشف تامر أن أكثر التحديات التي تواجه الصم الآن تتمثل في صعوبة اندماجهم في المجتمع، وإهمال الأسر لهم إلى الحد الذي تعتبر فيه بعض الأسر ابنها الأصم عالة ومصدر عار في البيت وسببا لكثير من المشكلات، وكثير من الجهات الرسمية تعتبر الصم فاقدي الأهلية، كما أن مشكلة المشكلات بالنسبة للصم تفشي الأمية بينهم بشكل خطير، فأكثر من 95% منهم أميون قراءة وكتابة، هذا كله فضلا عن انتشار وباء البطالة بين غالبيتهم وتدني دخول العاملين منهم فحتى نسبة ال 5% التي يمنحها قانون العمل والتي طبقت لسنوات للمعاقين لم تعد لها وجود الآن.


 

كل تلك المشكلات التي يعانيها مجتمع الصم في مصر دفعت تامر ومعه مجموعة من الشباب من محبي التطوع إلى إنشاء جمعية تتبنى إيجاد حلول لهذه المشكلات وأطلقوا عليها اسم "الجمعية المصرية لرعاية حقوق الصم" لتكون هي المؤسسة الأهلية الأولى في رعاية أبناء هذه الفئة في مصر، وليرأس المهندس تامر وبالانتخاب الحر المباشر من كل الأعضاء مجلس إدارتها، ومن خلال الجمعية راح تامر ورفاقه يحددون أولويات عملهم لمواجهة أكثر مشكلات الصم تعقيدا وأهمية، وكانت مشكلتهم الأولى هي انتشار الأمية بين أوساط هذه الفئة بشكل مفزع حتى إن بعض الإحصاءات ذكرت أن حجم انتشار الأمية بين الصم تعدت نسبة 85% من أجل هذا قاموا بإعداد دورات منتظمة لمحو أمية آلاف من الصم ، كذلك تحسين مستوى المتعلمين منهم، فضلا عن عقد دورات لتعليم لغة الإشارة ليس فقط للصم ولكن لأسرهم والمتعاملين معهم، وتوج تامر إنجازات جمعيته بإصدار أول قاموس بلغة الإشارة في مصر.


 

أحلام تامر لفئة الصم في مصر لم يكن آخرها ما تقوم به جمعيته من أنشطة لصالحهم فمازال يحلم لهم باليوم الذي يرى فيه الصم وقد أصبح لهم اتحاد مصري أهلي يرعاهم ويوعيهم بحقوقهم وواجباتهم، وأن تستجيب وزارة التضامن الاجتماعي لطلب آلاف الصم والبكم بالسماح لهم بتأسيس هذا الاتحاد جنبا إلى جنب مع انضمامهم جميعا إلى اتحاد المعاقين، وأكثر ما يتمناه تامر لكل أصم أن ينال حظه من اهتمام وسائل الإعلام سواء بعرض مشكلاته ومعاناته في جوانب الحياة المختلفة والبحث لها عن حلول دون تهويل أو تهوين كذلك توفير مترجم إشارة في كل برنامج وفيلم يتم بثه على القنوات الرسمية على الأقل حتى يحصل الصم على نفس الحق المتاح لجميع الأسوياء في الاستمتاع بما تقدمه القنوات التلفزيونية وبخاصة أنهم محرومون من الاستماع إلى الإذاعة.


 

وتامر أنيس مهندس الديكور الناجح ورئيس أول جمعية أهلية تقدم خدمات حقيقية لحل مشكلات الصم والبكم في مصر هو أيضا زوج ناجح وأب لابنتين في سنوات التعليم المختلفة يتمنى أن يراهما في المستقبل وقد اعتلتا أرفع المناصب داعيا الله أن يجنبهما ويلات ما لاقى في مشوار تعليمه.



See all the ways you can stay connected to friends and family
--~--~---------~--~----~------------~-------~--~----~
You received this message because you are subscribed to the Google Groups "Deaf Arab" group.
To post to this group, send email to deaf-arab@googlegroups.com
To unsubscribe from this group, send email to deaf-arab+unsubscribe@googlegroups.com
For more options, visit this group at http://groups.google.com/group/deaf-arab?hl=en
-~----------~----~----~----~------~----~------~--~---

No comments:

Post a Comment