يوم مع الصم في ورشة الخزف
في ورشة الخزف التي قدمها الفنان البحريني محسن التيتون لأعضاء جمعية الصم البحرينية، كان الجو مختلفاً، والهدوء هو سيد المكان من بعد الإبداع الذي أظهره المتدربون وهم يلونون قطع البلاط بألوان أجاد الفنان خلطها، وأجادوا هم إحالتها فناً بإصرارهم ورغبتهم في التعلم.
المتدربون الذين لم يتجاوز عددهم الخمسة عشر متدرباً - وهو العدد الذي تجاوز حدود المعتاد لدى الورشات التدريبية التي يقيمها الفنان في العادة - كانوا على درجة عالية من القابلية للتعلم، وهو ما أكده الفنان التيتون في اليوم الأخير من الورشة عندما رأى أعمالهم وهي تتخلق بين أيديهم قطعاً فنية جملتها روح التعاون الأسرية التي أضفت على المكان سلاماً، وعلى الوقت روعة وعطراً.
كان الأعضاء يلجأون لبعضهم حين يحتاجون للمساعدة، فبعضهم يتوجه للفنانات في الرسم كي يرسمن لهم زخارف في القطع في المكان الذي يقترحون، وبعضهم حين يصعب عليه أمر ما، يتوجه لأختهم التي لم تبخل عليهم بوقتها، وهي مترجمة لغة الإشارة هدى المطوع، كي يتواصل مع المدرس حين يحتاج سؤالاً أو شرحاً إضافياً، على رغم مبادرتها هي لتقديم المساعدة قبل أن يطلب منها ذلك وهي التي طالما قابلت من حولها بابتسامة وعطاء يبهر من يتعرف إليها، من غير أن تنتظر مقابلاً، سوى رؤية الجميع سعداء.
هكذا كان جو الورشة التدريبية، محبة وفن، ورغبة في التعلم، ومشاعر أسرية لا يشعر الفرد فيها بالغربة حتى وإن كان من الزوّار، فالمدرب كان حليماً متعاوناً، لم يبخل بوقته ولا أدواته ولا ابتسامته أو صبره وحلمه على أحد، بل كان يقدّم ما لديه من أسرار الحرفة بكل حب وعطاء، حتى لزوار الورشة، وهو ما حدث مع طفليّ قيس ورند أيضاً، إذ علّمهما وكأنهما من المتدربين الأساسيين في الورشة.
رئيس الجمعية مهدي النعيمي كان مع المجموعة يتدرب على التلوين كغيره من الأعضاء، وفي منافسة جميلة مع عضو مجلس الإدارة الزميل قاسم حسين الذي حضر الورشة التدريبية أيضاً، كان الجو يمتلئ بمزاح عفوي يدل على سعة صدور هؤلاء المتطوعين ومحبتهم لغيرهم.
ليست هذه هي ورشة التدريب الأولى التي تقيمها جمعية الصم لأعضائها، بل الأمر ممتد منذ بداية تأسيسها في فعاليات مستمرة يبذل القائمون عليها جهوداً تطوعية تثري قدرات الأعضاء وتظهر مواهبهم، وخصوصاً في المجالات التي تتعلق بالحرف اليدوية وهم الذين أبدعوا في فنون الكوريشيه، والتريكو، وفي فنون الرسم على الزجاج والتشكيل وفي التمثيل أيضاً، إذ قدّموا قبل أعوام أول مسرحية على مستوى الخليج يقدمها طاقم تمثيلي كامل من الصم!
جمعية مستمرة في كل هذا العطاء في شتى المجالات، من المؤلم أنها مازالت تفتقد المكان المناسب الذي يزيد من عطائها عندما لن تصطدم بمشكلة المكان حين تقرر تقديم أية ورشة عمل أو ندوة أو فعالية تتطلب وجود مكان أكبر من الشقة التي تشغلها الآن، والتي تعاني مشكلة صغر حجمها وعدم توافر مواقف السيارات ومشكلة إمكاناتها البسيطة جداً.
فهل يصعب على وزارة التنمية الاجتماعية أن تقدّم مقراً أنسب وأكبر لجمعية أثبتت أهميتها ودورها الفاعل في خدمة أعضائها وتقديمهم للمجتمع بالصورة المشرفة؟
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3850 - السبت 23 مارس 2013م الموافق 11 جمادى الأولى 1434هـ
No comments:
Post a Comment