وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها
يحدد «الاتحاد العالمي للصم» كل عام شعاراً للاحتفال بـ «أسبوع الأصم الدولي» في الفترة من إلى سبتمبر/ أيلول، من أجل توعية المجتمع بقضايا ومشاكل هذه الفئة من المجتمع، أسوة بأيام تخصص لأصحاب إعاقات وأمراض أو اهتمامات أخرى.
في 2009 كان الشعار «منجزات الصم الثقافية»، وفي 2010 عن «تعليم الصم»، أما هذا العام فيدور حول «حرية التعبير والرأي والوصول للمعلومات بسهولة». ومن يعرف واقع الحال يبدو له مثل هذا الشعار أفلاطونياً إلى حد كبير، فالناطقون يجدون صعوبة في الوصول للمعلومات، والصحافيون اليوم يعانون في الكتابة عن مواضيع كانت متاحة حتى قبل عام. فحلقات الحصار تضيق، وحرية التعبير تمرُّ بمحنة.
في المنطقة العربية، هناك أولويات أهم بالنسبة للصم وعموم أصحاب الإعاقات، مع قناعتي التامة بأن حرية الوصول للمعلومات حق من الحقوق الطبيعية لجميع المواطنين، فضلاً عما تمنحه اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للأشخاص ذوي الإعاقة. فالطالب البحريني الأصم مازالت فرص التعليم الأساسي تنتهي أمامه عند المستوى الإعدادي... ولذلك نطالب بحصوله على التعليم الثانوي الأساسي وصولاً إلى الجامعة.
في شهر رمضان المبارك، وعلى هامش مسابقة القرآن الكريم للصم في دولة الكويت، نظمت إحدى الشركات معرضاً مصغراً للأجهزة الإلكترونية المساعدة للصم. بعض هذه الأجهزة مألوفٌ وتستخدمه النساء، مثل جهاز كشف بكاء الأطفال الرضع، لكنه يعمل بالإضاءة أو الاهتزاز بدل الصوت أو الجرس. وبالمبدأ نفسه يعمل جهاز كاشف الحريق؛ وساعة يد منبهة تعمل بالاهتزاز، وملحقٌ لاسلكي مماثل للساعة المتنقلة.
من مشاكل الأسر اليومية ما يكون سببها تسلل الأطفال إلى خارج المنزل في غفلةٍ من الوالدين، والأمر يغدو أصعب بالنسبة للوالدَين الصم، وقد صُمّمت أجهزة إنذار هزازة للتنبيه على تسلل الطفل من الباب الرئيسي (أو تسلل شخص غريب). وبعض هذه الأجهزة يوضع عند عتبة المنزل أو أمام غرفة الطفل أو حتى عند النوافذ، تجنباً لوقوع الحوادث.
بالنسبة لي أو لك، مثل هذه التفاصيل لا تهمنا كثيراً، لكنها بالنسبة للصم تعني الكثير. الساعة المنبهة توقظنا من النوم فجراً، بينما يحتاج الأصم إلى ساعةٍ منبهةٍ خاصةٍ ذات إضاءة قوية وقريبة من عينيه، لتوقظه من النوم. هذه المعاناة اليومية تتضاعف فيما لو كان الزوجان معاً من الصم، وخصوصاً المرأة التي لا تسمع بكاء طفلها المريض، وتعيش حياتها دون أن تسمع صوته، وتـُحرم من مناغاته، وتعجز عن تعليمه اللغة كبقية النساء.
هذه الأجهزة مكلفة، وفوق موازنة أغلبية الصم، ويمكن للشركات الكبرى أن تضع مثل هذه الاحتياجات ضمن برامجها لدعم الجمعيات الاجتماعية. كما أنها تمثل باباً للمحسنين للإنفاق في سبل الخير. (حتى في الكويت توفر الشركة خدماتها بالتنسيق مع المتبرعين وليس للزبائن مباشرة).
أتكلم في التفاصيل... لأذكـِّر نفسي والآخرين في هذا اليوم المبارك، بما لدينا من نعمٍ كبرى، بصراً وسمعاً ونطقاً، وشماً وذوقاً، تستوجب الذكر والشكر
قاسم حسين صحيفة الوسط البحرينية - العدد 3303 - الجمعة 23 سبتمبر 2011م الموافق 25 شوال 1432هـ
http://www.alwasatnews.com/3303/news/read/596753/1.html
No comments:
Post a Comment